خاطرة من وحي الأحداث وباء كورونا والاثار الاقتصادية المُحتملة

م.م. علي جلال جعفر الاوقاتي
قسم المحاسبة
جامعة جيهان – اربيل

على ضوء انتشار وباء كورونا عالميا ليشمل الدول المتقدمة والنامية - الغنية والفقيرة -على حد سواء وسعي تلك الدول على اختلاف تطورها ونوعية اقتصادياتها لاحتواء هذا الوباء الا ان تلك الإجراءات الوقائية ألقت بظلالها على الواقع الاقتصادي لتلك البلدان من حيث إمكانية تلك الدول على تحمل تلك الإجراءات الوقائية تبعا لمدى تطورها الاقتصادي ونوعية اقتصادياتها :

هنا نود استعراض بعض الاثار الاقتصادية لتلك الإجراءات على الصعيدين الداخلي والخارجي لكل دولة بشكل عام :

١-مما لاشك فيه ان إجراءات الوقاية من هذا الفايروس قد اثر سلبا على اصحاب القوت اليومي الذين يعتمدون على أجرهم اليومي لتوفير السلع والخدمات التي يحتاجونها وأصبحوا اليوم في وضع اقتصادي حرج للغاية .

وضع اصحاب القوت اليومي الان وكيفية معالجته يعتمد بشكل كبير على درجة انضباط القطاع الخاص وهل ان عمل هذا القطاع يتم وفق ضوابط محددة مسبقا ام ان هذا القطاع يعمل بشكل منفلت ، ومن الواضح ان وضعية هذا القطاع مختلف في الدول المتقدمة عنه في الدول النامية وبالتالي فان مدى نجاح معالجة وضع اصحاب القوت اليومي يكون اسهل بالدول ذات القطاع الخاص المنضبط وأكثر صعوبة في الدول الاخرى من حيث فعالية الإجراءات المتخذة لتوفير الحد الأدنى من احتياجات هذه الشريحة .

مما تقدم يتبين ان السعي لحل معضلة هذه الشريحة يجب ان يمثل اولوية لاقتصاد اي دولة بسبب حساسية وضعها والعواقب الاجتماعية والسياسية في حال لم تتم معالجتها وبصورة سريعة .

٢- تراجع نمو الناتج المحلي الاجمالي لمعظم الدول وبلوغه معدلات متدنية جدا والاثار السلبية المترتبة على ذلك بخصوص توفير السلع والخدمات ودخول الأفراد وانخفاض الدخل القومي .

٣- بسبب النقطة الثانية فان معظم البنوك المركزية في العالم قد تعمد او انها عمدت بالفعل لتخفيض أسعار الفائدة لتحريك عجلة الاقتصاد وبأسعار فائدة تقترب من الصفر ، وهذه نقطة محورية ومهمة جدا على صعيد الدين العام الحكومي .

حيث ان الدين العام أو ما يسمى السيادي (Government debt)هي الأموال التي تفترضها الحكومة من الأفراد والمؤسسات لمواجهة حالات طارئة مثل الحروب او التضخم او الأوبئة كما نحن فيه الان ولتحقيق أهداف مختلفة مثل العجز في الإيرادات العامة بالنسبة للنفقات .

لذلك فان انخفاض معدلات الناتج المحلي الاجمالي وارتباط ذلك بالدِّين العام حيث ان الدول ستكون عاجزة بشكل كبير خصوصا في الاقتصاديات الريعية في الوفاء بالتزاماتها على الصعيد الدولي .

٤-تأثر قطاع الخدمات بشكل سلبي وحاد نتيجة للإجراءات الوقائية واقتصر ذلك على توفير السلع الغذائية الرئيسيّة .

٥-وهذه النقطة أيضا تشمل قطاع الخدمات حيث تأثرت سلبا قطاعات الفنادق والطيران وتكبدها خسائر فادحة .

٦-جميع الفعاليات الاقتصادية التي تعتمد على القروض والتسديد بالأقساط والإيجارات تأثرت سلبا من حيث الاشكالات الناتجة عن التلكؤ بتسديدها وكيفية معالجتها اما بالتأجيل او بالمعونات والدعم الحكومي .

٧- لاشك في ظل هذه الظروف الاقتصادية المضطربة يكون الذهب عادة أفضل وسيلة للادخار وهذا ما حدث عالميا في الأيام الاولى للازمة وتسبب في زيادة أسعار الذهب ولكن هذا الارتفاع سوف لن يستمر طويلا لحاجة أفراد المجتمع للسيولة النقدية لتأمين احتياجاتهم .

٨- انخفاض سعر برميل النفط لأدنى مستوياته منذ عام 2001 نتيجة لتباطء معدل نمو الناتج

المحلي الاجمالي وآثاره الكارثية على الدول ذات الاقتصادات الريعية وآثاره السلبية على الموازنات الحكومية لتلك الدول والسؤال المهم هو : كيف ستغطي تلك الدول رواتب موظفيها بأعدادهم الهائلة في ظل تراجع أسعار النفط والمحافظة على نفس معدلات الرواتب للموظفين والمتقاعدين .

٩-اثبتت احداث الوباء بفشل التكتلات الاقتصادية الى حد الان على الأقل بالوفاء بالتزاماتها ، على سبيل المثال دول الاتحاد الأوربي لم تقدم المساعدة المرجوة لدولة عضو هي إيطاليا

بينما فعلت ذلك روسيا ، وهذا له اثر سلبي على هذه التكتلات قد تظهر جليا بعد انتهاء الأزمة .

١٠- حتى الفعاليات الرياضية تأثرت هي الاخرى بدرجة كبيرة ، حيث تأثرت اليابان بتأجيل دورة الألعاب الأولمبية التي كان من المقرر إجراءها هذا العام الى العام المقبل وبالتالي تأجيل الحصول على الإيرادات المتوقعة للعام المقبل٠

وكذلك تأثر معظم الألعاب الرياضية والخسائر المتعلقة بالبث التلفزيوني فعلى سبيل المثال فان الاتحاد الإنكليزي سيخسر قرابة 800 مليون باوند في حال عدم استكمال مباريات الدوري الإنكليزي لكرة القدم وقس على ذلك بقية الدوريات العالمية ولمختلف الفعاليات .

١١-على مؤسسات التمويل الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الضلوع بأدوارهم المطلوبة لمساعدة الدول لتمويل العجز في اقتصادياتها بعيدا عن الشروط المجحفة المعتادة برفع الضرائب وتقليص الاستخدام .

١٢-اخيراً وهذا مالا نتمناه فعلا ، فان الكثير من الحروب التي قامت تاريخيا كانت لأسباب اقتصادية وسبقتها احداث اقتصادية كبرى كالكساد العظيم The Great Depression عام 1929 الذي سبق الحرب العالمية الثانية ، لذلك نتمنى ان لا تقودنا هذه الأزمة الى ما هو أسوأ على الصعيد العسكري .