التنبؤ بالأزمات في إدارة مستقبل المجتمعات

د. سمير صلاح الدين
قسم الإدارة العامة
جامعة جيهان -أربيل

لقد بات لزاما على إدارة الحكومات أن تتنبئ بالأزمات و الكوارث المستقبلية التي قد تواجهها مجتمعاتها. حيث اثبتت جائحة كورونا الذي اصاب العالم القدرة المحدودة والامكانات الضعيفة التي قابلت بها دول العالم المتقدمة لهذا الوباء.

وهذه الحالة التي تمر على الدول كان لابد أن يظهر الضعف في القدرة على إدارة هكذا أزمات. لأنه عندما تظهر الكوارث العالمية وتضرب الارض ليس هناك أية جدوى من تشكيل خلية أو حكومة أزمة، فالضرر واقع لا محالة؛ لأنه خلية الأزمة سوف تبحث في حينها عن الأمكانات الموجودة وتبحث عن الحلول و المعالجة، وهنا تظهر عيون إدارة الحكومات. والسبب هنا لأنها لم تتنبئ للكوارث المستقبلية ولم تحضر مستلزمات مواجهتها للحفاظ على الحياة و الديمومة فيها.

ولقد هدرت حكومات العالم المليارات من الأموال على لعب الكبار فكانت نفقاتها مظهرية وترفيهية واعتبروها خدمية، إن في سلم "إبراهام ماسلو" للحاجات الإنسانية أولى هذه الحاجات التي تبقي الإنسان على الحياة، وثانيا الأمان وهي الحاجات التي تؤمن حياة الإنسان وتبقيه على الحياة، وعندما تحدث الكوارث يلغى السلم الثالث والرابع و الخامس والذي هو العلاقات الاجتماعية و التقدير والاحترام وتحقيق الذات. فما قيمتها بدون حياة إنسانية.

ولو نسأل أي حكيم إداري ايهما أهم للمجتمع بناء برج في الإمارات أو ماليزيا أهم من بناء مستشفى تحت البحر أو ملاجئ ضد الضربات النووية و الاشعاع النووي ايهما أهم بناء ملعب للتنس أو مجمع تجاري ام بناء مستشفى أو تملك أقنعة وقاية للشعب ضد الضربات الكيماوية. لقد بات واقع إدارة حكومات العالم فعلا يثير الانتباه و السخرية دول متقدمة لا تملك 15% من نسبة سكانها اجهزة تنفس. فكيف تملك الاجهزة وهي لا تملك كمامات الوقاية رخيصة الثمن. وعندما تنظر إلى هذه الواقعة فسوف تقول لقد خلى العالم من الإداريين و القياديين الحقيقيين.

لذلك لقد بات من الضروريات و الحتميات المفروضة على حكومات العالم تأسيس الإدارة الاستراتيجية العليا للتنبؤ بالأزمات المستقبلية على مستوى كل دولة أو حكومة أو على مستوى العالم من خبراء في الإدارة وعلماء في مختلف التخصصات التالية وفق التالي:

1- إدارة أزمة الحروب.

2- إدارة أزمة تغيرات البيئة والمناخ.

3- إدارة أزمة الأوبئة.

4- إدارة أزمة الغذاء و الدواء.


لذا يتحتم إعادة النظر بالنفقات العامة وتخصيص موازنة منها لمواجهة المخاطر المستقبلية واحتياجاتها حيث تعتبر كارثة حتمية مؤجلة ستواجهها الدول. والانتقال من النفقات المظهرية إلى نفقات الحاجات الإنسانية المستقبلية لديمومة الحياة. وليس الحاضرة فقط، أن التجارب تعلم الإنسان على إعادة النظر بما حوله ومراجعه تحضيراته وخططه المستقبلية.