الديبلوماسية السيبرانية....الدبلوماسية البديلة في زمن كورونافايروس

د.هاوژین عومه‌ر محه‌مه‌د
قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية
جامعة جيهان-أربيل

أثرت حرب كورونافيروس الكونية بشكل مباشر على نمط حياة الفرد والجماعة في أرجاء الكرة الأرضية. مثلما كانت لهذه الحرب تداعياتها على المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والرياضية، كانت لها انعكاساتها على العمل السياسي والعلاقات الدولية والدبلوماسية أيضاً.

تحت وطأة هذه الأزمة العالمية، لجأ الكثير من الساسة والرؤساء والدبلوماسيين إلى الفضاء السيبراني لمواصلة علاقاتهم الدولية، متخذين من التكنلوجيا الرقمية، والشبكة العنكبوتية وسيلة، وفضاءً لمناقشة القضايا العالمية الساخنة ومداولتها، وعلى رأسها أزمة كورونافيروس وتداعياتها المستقبلية على ساكني الكرة الأارضية.

ومثلت اللقاءات والقمم الافتراضية عبر تكنلوجيا الفيديوكونفرانس بين رؤوساء الدول والمسؤولين خير تمثيل لهذا النوع من الدبلوماسية. ومن النماذج البارزة لهذه الدبلوماسية، القمة الطارئة التي جرت عبر تكنلوجيا الفيديوكونفراس في 26/3/2020 بين رؤوساء دول G20 برئاسة ملك السعودية، والتي دامت لأكثر من ساعتين، ناقش من خلالها رؤوساء الدول أزمة كورونا وقضايا، دولية أخرى منها انخفاض أسعار النفط، وتباطأ أسواق المال العالمية....إلخ.

ولم تكن هرم الدبلوماسية الأمريكية بعيداً من استخدام الفضاء السيبراني في إدامة علاقاتها على الصعيد الدولي، حيث إلتقى الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) افتراضياً، من خلال تنكنلوجيا الفيديوكونفراس بمجموعة من رؤوساء الدول، على رئسهم الرئيس المكسيكي، ورئيسي وزراء كل من كندا وبريطانيا، وعدد آخر من قادة العالم. كما واستخدمتها قادة ورؤساء آخرين في مشرق الكرة الأرضية ومغربها.

وفي المجال الدبلوماسي نفسه، اتخذته أكثرية سفارات وقنصليات دول العالم كآلية بديلة لتمشية معاملات رعاياها، وفي تدبير الأمور الدبلوماسية الدبلوماسية الملحة والضرورية التي لا تقبل التأخير.

ولا ينحصر استخدام الفضاء السيبراني، وأدواتها الرقمية المتقدمة في مجال العلاقات الدولية والدبلوماسية، إذ انسحبت استعمالها إلى رئاسات الحكومات، والوزارات، والجامعات، والبنوك، وبقية القطاعات الحياتية، والمجتمعية الأخرى.

انعقدت اجتماعات حكومية افتراضية عدة خلال ثلاثون يومياً ماضية، عبرالوسيط الاتصالي المبني على الشبكة العنكبوتية (فيديوكونفرانس)، ولم تكن حكومة إقليم كردستان، وبعض الوزارات والمؤسسات الأكاديمية ببعيدة عن توظيف هذه التكنلوجيا، فقبل يومين، رأس السيد رئيس وزراء الإقليم (مسرور برزاني) عبر وسيلة الفيديوكونفرانس الاجتماع الأسبوعي للحكومة، وقبله بأيام أدار إجتماعياً آخر مع الوزراء الأعضاء في الخلية الحكومية الخاصة بأزمة كورونافايروس، تمخض عنهما قرارات وتوصيات مهمة. كما واجتمع مجلس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي افتراضياً لمناقشة تداعيات هذه الأزمة على مستقبل التعليم في الإقليم، والبدائل المتوفرة للإدامة بسير التعليم في هذه السنة الدراسية.

ليس اعتباطاً عندما وصفوا الألفية الثالثة للميلاد بعصرالتكنلوجيا والمعلومات، ها هي السيبرانية تبدو هي المنقذ للبشرية في أحلك محطة تاريخية في حياتها، تضع فرصاً وحلولاً وبدائل لمواجهة هذا الظرف الاستثنائي، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مانعاً وصول البشرية إلى حافة الهاوية .