النظام العالمي مابعد كورونافيروس

د.هاوژین عومه‌ر محه‌مه‌د
قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية
جامعة جيهان-أربيل

الحرب الكونية التي تشنها كورونافيروس على البشرية، والتفاعل العالمي لا سيما العالم الغربي مع هذه الأزمة الصحية، تطرح جملة من التساؤلات عن قوة النظام الرأسمالي وإمكانياته، والتحديات الجدية التي تواجه هذا النظام بعد مرحلة بوست كورونا.

التعاطي والتفاعل الدولي، خصوصاً من قبل الدول العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي مع أزمة كورونا، مؤشر مهم إلى محدودية قدرات النظام الرأسمالي، وفشل الليبرالية الغربية، وبيّن هذا التعاطي أيضاً ماهية ومصداقية التكتلات السياسية والإقتصادية والثقافية المنشأة على أسس إيديولوجية ومصلحية، تحت مسميات (التحالفات، تجمعات، اتحاد...إلخ)، وأشخص دليل على ذلك تبخر مبدأ الأمن الجماعي -الذي نادى به العالم الغربي كثيراً- بين دول الاتحاد الأوروبي، وبين أمريكا وحلفاءها التقليديين؟ وغياب دور الأمم المتحدة وعلى رأسها مجلس الأمن، والتنسيق المعتاد بين دول مجموعة G20، أثناء هذه النوعية من الأزمات التي تهدد الأمن العالمي.

خلال 100 سنة الماضية لم تواجه البشرية تهديداً أخطر من التهديد الذي تواجهه اليوم، لكن الغريب في الأمر عدم النضج الدولي والقائمون على النظام العالمي لخطورة ما تواجهها البشرية جراء هذا الوباء القاتل!! بعد التطورات الطبية والتكنلوجية والسياسية التي شهدتها الكرة الأرضية بعد الألفية الثالثة للميلاد، ما هي أسباب عجز البشرية لوضع حد لهذا الوباء بشكل سريع؟ والأدنى من هذا غياب التنسيق الدولي خصوصاً بين ما يًسمى بالدول الكبرى والتحالفات العالمية في مواجهة كورونافيروس. الأجابة بكل بساطة مرتبطة بسوء توظيف مبادئ الليبرالية، وأولويات النظام الرأسمالي، وآليات السوق الحرة، والعولمة السياسية والاقتصادية والإعلامية والتكتلوجية، وتداعيات محاولة الولايات المتحدة الأمريكية أمركة العالم بأجمعه.

الغرب ونظامه الليبرالي أكبر المتضررين من حرب كورونافيروس الكونية، العالم بعد كورونا يكون مختلفاً عما قبله، من هنا يبدأ العد التنازلي- المرحلي للنظام الرأسمالي، يعقبه تغييرات جوهرية في منظومة العلاقات الدولية، والنظام العالمي. سوف تدخل البشرية مرحلة عجاف، وعدم استقرار سياسي وعسكري واقتصادي، تمتد لـ 25 عشرين عاماً، إلى أن يتشكل مع منتصف هذا القرن نظام عالمي جديد، يترأسها جمهورية الصين الشعبية ، أم تناصف الولايات المتحدة الأمريكية في قيادة العالم من خلال النظام العالمي الجديد.