جائحة كوفيد-19 شرارة النظام العالمي الجديد

د. ربيع خلف صالح
قسم ادارة الاعمال
جامعة جيهان – اربيل

بعد تفشي فايروس كورونا حول العالم بدات تظهر بوضوح التداعيات الاقتصادية لهذا التفشي ومظاهر الاغلاق العالمي المرافقه له. فقد توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بانخفاض النمو الاقتصادي العالمي الى النصف مما يؤدي الى دفع الاقتصاد العالمي نحو اسوء ازماته بعد الازمة المالية العالمية التي انفجرت من الولايات المتحدة الاميركية في ايلول 2008 ثم انتشرت في عموم العالم.

وفي حال استمرار الازمة فان الركود العالمي سيكون حتميا بمعدل نمو عالمي للناتج المحلي الاجمال (GDP) بحدود 1.5% لا اكثر بحيث تتجاوز خسائر العالم ارقام من 12 مرتبة ( ترليونات ) مقيمة بالدولار. ان الولايات المتحدة لوحدها تواجه عاصفة اقتصادية تكلفها خسارة بحدود 2 تريليون دولار هذا العام. اضافة لما تقدم فان الركود العالمي سيتطور الى ماهو اسوء منه متمثلا بالركود التضخمي وهو وضع اقتصادي غاية في التعقيد ساد في عقدي السبعينات والثمانينات واستمرت اثاره لعقود اخرى حيث ترافق الكساد (متمثلا بالبطالة كمظهر من مظاهره) مع التضخم في وقت واحد لاول مرة منذ قيام الثورة الصناعية, ويبدو ان الاقتصادات المتقدمة قد دخلت هذا النفق المظلم فعلا بفعل كورونا.

ان كل دول العالم لاسيما الكبرى ( اللاعبين الكبار ) مقصرة ومسؤولة بصورة مباشرة. فعندما كانت مراكز الابحاث الاميركية والاوربية والصينية وغيرها تتسابق بتداؤبية لتصنيع وتخليق الفيروسات بدلا من التسابق لاختراع المضادات لها (الفاكسين ) نجدها الان وفي ظل الازمة قد انغلقت على ذاتها واصبح شعارهم بلدي اولا بانانية غير مسبوقة بدلا من التعاون المشترك للخروج من الازمة بسلاسة وبالحد الادنى من الخسائر.

ان كل ماتقد فضح هشاشة مايسمى بالنظام العالمي ( ان كان هناك نظام عالمي ), نعتقد ان النظام العالمي سقط قبل اختفاء الاتحاد السوفياتي وظهورالاحادية القطبية بعدة عقود.

لقد سقط النظام العالمي ( او بدا بالسقوط ) منذ السقوط المدوي لاتفاقية بريتون وودز/ 1971 التي اسقطت (النظام النقدي الدولي).

لقد تهاوت بقية عناصر النظام الاقتصادي العالمي ( التجارية والجمركية وحتى البيئية ) بعد تفكك الاتحاد السفياتي، وما التاكيد المحموم على انشاء وانبثاق منطمة التجارة العالمية ( 1994 ) هو محاولة لاعاة بناء ذلك النظام ولكن على وفق النهج الاميركي للنفوذ والسيطرة, وحتى هذه المنظمة بدات بالاظمحلال والتلاشي التدريجي اثر فشل العديد من جولات المفاوظات وتنامي الحرب الجمركية بين اعظاء المنظمة فضلا عن العقوبات الاقتصادية التي يفرضها الاعضاء على بعضهم بصورة فردية بعيدا عن الاتفاقيات متعددة الاطراف.

صفوة القول ان النظام العالمي لم يعد موجودا وقد اعلن ذلك قادة العالم بكل وضوح حيث قال:

الرئيس الصيني شي جين بينغ: العالم بعد كورونا يختلف عن العالم قبل كورونا.

الرئيس الاميركي دونالد ترامب: ان النظام العالمي الذي صيغ بعد الحرب العالمية الثانية بما فيه اتفاقية بريتون وودز 1944 اصبح غير صالح ويجب تغييره.

ماكرون وباقي القادة الغربيين: ان العالم اليوم بدون قيادة وبدون نظام عالمي متفق عليه.

هذه التصريحات غاية بالخطور وقد تكون خطورتها اكبر من جائحة كورونا بمرات عديدة, اذ ان اتفاق الكل (الشرق والغرب) على تغيير النظام العالمي هو اتفاقا لا يعني الاستقرار العالمي طالما كل طرف يريد نطاما عالميا جديدا على وفق منهاجه ومقاييسه. وعندما يكون اللاعبين الكبار اعداءا فلن يجلسو للاتفاق على نظام عالمي جديد وفق ارادة موحدة وان ذلك لن يتم الا بعد تحطيم جميع الارادات الاخرى, ولا اضن ان هناك اثنان يختلفون ان مثل هذ لن يتم الا بعد ان ترى البشرية مزيد من الويلات.

فهل ستكون جائحة كورونا هي الشرارة التي ستشعل صراع الارادات العالمي؟

أأمل لا.....